فصل: تفسير الآيات (1- 3):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب التأويل في معاني التنزيل المشهور بـ «تفسير الخازن» (نسخة منقحة).



.سورة الطور:

.تفسير الآيات (1- 3):

{وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)}
قوله عز وجل: {والطور} أراد به الجبل الذي كلم الله موسى عليه الصلاة والسلام بالأرض المقدسة وقيل: بمدين {وكتاب مسطور} أي مكتوب {في رق} يعني الأديم الذي يكتب فيه المصحق {منشور} أي مبسوط.
واختلفوا في الكتاب، فقيل: هو ما كتب الله بيده لموسى من التوراة وموسى يسمع صرير الأقلام. وقيل: هو اللوح المحفوظ. وقيل: هو دواوين الحفظة يخرج إليهم يوم القيامة منشوراً فآخذ بيمينه وآخذ بشماله. وقيل: هو القرآن.

.تفسير الآيات (4- 10):

{وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10)}
{والبيت المعمور} يعني بكثرة الغاشية والأهل وهو بيت في السماء السابعة قدام العرش بحيال الكعبة يقال له الصراع حرمته في السماء كحرمة الكعبة في الأرض وصح في حديث المعراج من أفراد مسلم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى البيت المعمور في السماء السابعة قال: فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية أخرى قال فانتهيت إلى بناء فقلت للملك ما هذا؟ قال بناء بناه الله للملائكة يدخل فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون يسبحون الله ويقدسونه.
وفي أفراد البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه رأى البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك» {والسقف المرفوع} يعني السماء {والبحر المسجور} يعني الموقد المحمى بمنزلة التنور المسجور وهو قول ابن عباس. وذلك ما روي أن الله تعالى يجعل البحار كلها يوم القيامة ناراً فيزاد بها في نار جهنم وجاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يركبن رجل البحر إلا غازياً أو معتمراً أو حاجاً فإن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً» وقيل: المسجور المملوء وقيل: هو اليابس الذي ذهب ماؤه ونضب. وقيل: هو المختلط العذب بالملح.
وروي عن علي أنه قال البحر المسجور هو بحر تحت العرش غمره كما بين سبع سموات إلى سبع أرضين فيه ماء غليظ يقال له بحر الحيوان يمطر العباد بعد النفخة الأولى منه أربعين صباحاً فينبتون من قبورهم أقسم الله بهذه الأشياء لما فيها من عظيم قدرته وجواب القسم قوله تعالى: {إن عذاب ربك لواقع} يعني إنه لحق وكائن ونازل بالمشركين في الآخرة {ما له من دافع} أي مانع.
قال جبير بن مطعم: قدمت المدينة لأكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر فدفعت له وهو يصلي بأصحابه المغرب وصوته يخرج من المسجد فسمعته يقرأ والطور إلى قوله إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع فكأنما صدع قلبي حين سمعت ولم يكن أسلم يومئذ فأسلمت خوفاً من نزول العذاب وما كنت أظن أني أقوم من مكاني حتى يقع بي العذاب ثم بين أنه متى يقع فقال تعالى: {يوم تمور السماء موراً} أي تدور كدوران الرحى وتتكفأ بأهلها تكفؤ السفينة وقيل: تتحرك وتختلف أجزاؤها بعضها من بعض وتضطرب {وتسير الجبال سيراً} أي تزول عن أماكنها وتصير هباء منثوراً والحكمة في مور السماء وسير الجبال الإنذار والأعلام بأن لا رجوع ولا عود إلى الدنيا وذلك لأن الأرض والسماء وما بينهما من الجبال والبحار وغير ذلك إنما خلقت لعمارة الدنيا وانتفاع بني آدم بذلك فلما لم يبق لهم عود إليها أزالها الله تعالى وذلك لخراب الدنيا وعمارة الآخرة.

.تفسير الآيات (11- 21):

{فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)}
{فويل} أي شدة عذاب {يومئذ للمكذبين} أي يوم القيامة {الذين هم في خوض} أي يخوضون في الباطل {يلعبون} أي غافلون لأهون عما يراد بهم {يوم يدعون} أي يدفعون {إلى نار جهنم دعاً} يعني دفعاً بعنف وجفوة، وذلك أن خزنة جهنم يغلّون أيدي الكفار إلى أعناقهم ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم ويدفعون بها دفعاً إلى النار على وجوههم وزجّاً في أقفيتهم حتى يردوا إلى النار، فإذا دنوا منها، قال لهم خزنتها: {هذه النار التي كنتم بها تكذبون} أي في الدنيا {أفسحر هذا} ذلك أنهم كانوا ينسبون محمداً صلى الله عليه وسلم إلى السحر وأنه يغطي على الأبصار فوبخوا بذلك وقيل لهم: أفسحر هذا {أم أنتم لا تبصرون اصلوها} أي قاسوا شدتها {فاصبروا} أي على العذاب {أو لا تصبروا} أي عليه {سواء عليكم} أي الصبر والجزع {إنما تجزون ما كنتم تعملون} أي من الكفر والتكذيب في الدنيا.
قوله تعالى: {إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين} أي معجبين بذلك ناعمين {بما آتاهم ربهم} أي من الخير والكرامة {ووقاهم ربهم عذاب الجحيم كلوا} أي يقال لهم كلوا {واشربوا هنيئاً} أي مأمون العاقبة من التخمة والسقم {بما كنتم تعملون} أي في الدنيا من الإيمان ولطاعة {متكئين على سرر مصفوفة} أي موضوعة بعضها إلى بعض {وزوجناهم بحور عين والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان} يعني ألحقنا أولادهم الصغار والكبار بإيمانهم فالكبار بإيمانهم بأنفسهم والصغار بإيمان آبائهم فإن الولد الصغير يحكم بإسلامه تبعاً لأحد أبويه {ألحقنا بهم ذريتهم} يعني المؤمنين في الجنة بدرجات آبائهم وإن لم يبلغوا بأعمالهم درجات آبائهم تكرمة لآبائهم لتقر بذلك أعينهم هذه رواية عن ابن عباس. وفي رواية أخرى عنه، أن معنى الآية والذين آمنوا واتبعناهم ذرياتهم يعني البالغين بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم الصغار الذين لم يبلغوا الإيمان بإيمان آبائهم أخبر الله تعالى أنه يجمع لعبد ه المؤمن من ذريته في الجنة كما كان يحب في الدنيا أن يجتمعوا إليه فيدخلهم الجنة بفضله ويلحقهم بدرجته بعمله من غير أن ينقص الآباء من أعمالهم شيئاً وذلك قوله تعالى: {وما ألتناهم من عملهم من شيء} يعني: وما نقصنا الآباء من أعمالهم شيئاً عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه ثم قرأ والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم إلى آخر الآية.
عن علي قال: «سألت خديجة النبي صلى الله عليه وسلم عن ولدين ماتا لها في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هما في النار فلما رأى الكراهية في وجهها قال: لو رأيت مكانهما لأبغضتهما قالت يا رسول الله فولدي منك قال: في الجنة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمنين وأولادهم في الجنة وإن المشركين وأولادهم في النار ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم» أخرج هذين الحديثين البغوي بإسناد الثعلبي.
{كل امرئ} أي كافر {بما كسب} أي عمل من الشرك {رهين} أي مرتهن بعمله في النار والمؤمن لا يكون مرتهناً بعمله لقوله: {كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين} ثم ذكر ما وعدهم به من الخير والنعمة.

.تفسير الآيات (22- 23):

{وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)}
{وأمددناهم بفاكهة} يعني زيادة عما كان لهم {ولحم مما يشتهون} أي من أنواع اللحوم {يتنازعون} أي يتعاطون ويتناولون {فيها} أي في الجنة {كأساً لا لغو فيها} أي لا باطل فيها ولا رفث ولا تخاصم ولا تذهب عقولهم فيلغوا ويرفثوا {ولا تأثيم} أي لا يكون فيها ما يؤثمهم ولا يجري بينهم ما فيه لغو وإثم كما يجري بين شربة الخمر في الدنيا. وقيل: لا يأثمون في شربها.

.تفسير الآيات (24- 30):

{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)}
{ويطوف عليهم} أي للخدمة {غلمان لهم كأنهم} أي في الحسن والبياض والصفاء {لؤلؤ مكنون} أي مخزون مصون لم تمسه الأيدي وقال عبد الله بن عمرو ما من أحد من أهل الجنة إلا يسعى عليه ألف غلام كل واحد منهم على عمل غير عمل صاحبه وعن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلاً قال يا نبي الله هذا الخادم فكيف المخدوم؟ قال: «فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب».
قوله تعالى: {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} يعني يسأل بعضهم بعضاً في الجنة قال ابن عباس: يتذاكرون ما كانوا فيه من الخوف والتعب في الدنيا {قالوا إنا كنا قبل في أهلنا} أي في الدنيا {مشفقين} أي خائفين من العذاب {فمن الله علينا} أي بالمغفرة {ووقانا عذاب السموم} يعني عذاب النار وقيل: هو اسم من أسماء جهنم {إنا كنا من قبل} أي في الدنيا {ندعوه} أي نخلص الدعاء والعبادة له {إنه هو البر} قال ابن عباس: اللطيف وقيل: يعني الصادق فيما وعد. وقيل: البر العطوف على عباده المحسن إليهم الذي عم بره جميع خلقه {الرحيم} بعبيده.
قوله عز وجل: {فذكر} يعني فعظ يا محمد بالقرآن كفار مكة {فما أنت بنعمة ربك} أي برحمته وعصمته وقيل: بإنعامه عليك بالنبوة {بكاهن ولا مجنون} الكاهن هو الذي يوهم أنه يعلم الغيب ويخبر بما في غد من غير وحي والمعنى أنك لست كما يقول كفار مكة أنه كاهن أو مجنون إنما تنطلق بالوحي نزلت في الذين اقتسموا أعقاب مكة يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكهانة والسحر والشعر والجنون {أم يقولون} يعني هؤلاء المقتسمين {شاعر} أي هو شاعر {نتربص به} أي ننتظر به {ريب المنون} يعني حوادث الدهر وصروفه فيموت ويهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء أو يتفرق عنه أصحابه وإن أباه مات وهو شاب ونحن نرجو أن يكون موته كموت أبيه والمنون اسم للموت وللدهر وأصله القطع سميا بذلك لأنهما يقطعان الأجل.

.تفسير الآيات (31- 37):

{قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ (37)}
{قل تربصوا} أي انتظروا بي الموت {فإني معكم من المتربصين} أي من المنتظرين حتى يأتي أمر الله فبكم فعذبوا يوم بدر بالقتل والسبي {أم تأمرهم أحلامم} أي عقولهم {بهذا} وذلك أن عظماء قريش كانوا يوصفون بالأحلام والعقول فأزرى الله بعقولهم حين لم تثمر لهم معرفة الحق من الباطل {أم هم قوم طاغون} أي يتجاوزون الحد في الطغيان والكفر {أم يقولون تقوله} أي اختلق القرآن من تلقاء نفسه والتقول التكلف ولا يستعمل إلا في الكذب والمعنى ليس الأمر كما زعموا {بل لا يؤمنون} أي بالقرآن استكباراً ثم ألزمهم الحجة فقال تعالى: {فليأتوا بحديث مثله} أي مثل القرآن في نظمه وحسنه وبيانه {إن كانوا صادقين} يعني إن محمد تقوله من قبل نفسه {أم خلقوا من غير شيء}.
قال ابن عباس: من غير رب خالق. والمعنى: أم خلقوا من غير شيء خلقهم فوجدوا بلا خالق وذلك مما لا يجوز أن يكون لأن تعلق الخلق بالخالق من ضرورة الاسم فإن أنكروا الخالق لم يجز أن يوجدوا بلا خالق {أم هم الخالقون} أي لأنفسهم وذلك في البطلان أشد لأن ما لا وجود له كيف يخلق فإذا بطل الوجهان قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقاً فليؤمنوا به وليوحدوه وليعبد وه وقيل: في معنى الآية: أخلقوا باطلاً فلا يحاسبون ولا يؤمرون ولا ينهون أم هم الخالقون أي لأنفسهم فلا يجب عليهم لله أمر {أم خلقوا السموات والأرض} يعني ليس الأمر كذلك {بل لا يوقنون} أي بالحق وهو توحيد الله تعالى وقدرته على البعث وأن الله تعالى هو خالقهم وخالق السموات والأرض فليؤمنوا به وليوقنوا أنه ربهم وخالقهم {أم عندهم خزائن ربك} يعني النبوة ومفاتيح الرسالة فيضعونها حيث شاؤوا وقيل: خزائن المطر والرزق {أم هم المسيطرون} أي المسلطون الجبارون. وقيل: الأرباب القاهرون فلا يكونون نتحت أمر ولا نهي ويفعلون ما يشاؤون.

.تفسير الآيات (38- 45):

{أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)}
{أم لهم سلم} يعني مرقى ومصعد إلى السماء {يستمعون فيه} أي يستمعون عليه الوحي من السماء فيعلمون أن ما هم عليه حق فهم به مستمسكون {فليأت مستمعهم} أي إن ادعوا ذلك {بسلطان مبين} أي بحجة بينة {أم له البنات ولكم البنون} هذا إنكار عليهم حيث جعلوا لله ما يكرهون لأنفسهم {أم تسألهم أجراً} أي جعلاً على ما جئتهم به من النبوة ودعوتهم إليه من الدين {فهم من مغرم مثقلون} يعني أثقلهم ذلك المغرم الذي سألتهم فمنعهم عن الإسلام {أم عندهم الغيب} أي علم الغيب وهو ما غاب عنهم حتى علموا أن ما يخبرهم به الرسول من أمر القيامة والبعث باطل. وقيل: هو جواب لقولهم نتربص به ريب المنون، والمعنى: اعلموا أن محمداً يموت قبلهم {فهم يكتبون} أي يحكمون قال ابن عباس: معناه أم عندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه ويخبرون الناس به {أم يريدون كيداً} أي مكراً بك ليهلكوك {فالذين كفروا هم المكيدون} أي المجزيون بكيدهم والمعنى أن ضرر كيدهم يعود عليهم ويحيق مكرهم بهم وهو أنهم مكروا به في دار الندوة ليقتلوه فقتلوا ببدر {أم لهم إله غير الله} يعني يرزقهم وينصرهم {سبحان الله عما يشركون} المعنى: أنه نزه نفسه عما يقولون.
قوله تعالى: {وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً} هذا جواب لقولهم فأسقط علينا كسفاً من السماء يقول لو عذبناهم بسقوط قطعة من السماء عليهم لم ينتهوا عن كفرهم {يقولوا} لمعاندتهم هذا {سحاب مركوم} أي بعضه على بعض يسقينا {فذرهم حتى يلاقوا} أي يعاينوا {يومهم الذي فيه يصعقون} أي يموتون ويهلكون.